في ظل التقارب الأخير بين البلدين، وخاصة في مجال التعاون التجاري والاقتصادي، سجلت الواردات المغربية من المنتجات الروسية خلال سنة 2024 ارتفاعا يناهز ثلاثة أضعاف مقارنة بسنة 2023، بإجمالي 280 مليون دولار أمريكي.
وحسب المركز الفيدرالي الروسي لتنمية الصادرات الزراعية “أغرو إكسبورت”، فإن وزارة الزراعة الروسية صدرت منتجات زراعية بقيمة نحو 280 مليون دولار أمريكي إلى المغرب خلال سنة 2024، وهو ما يساوي ثلاثة أضعاف الرقم المسجل في سنة 2023.
ونقلت وكالة الأنباء “سبوتنيك” عن المركز المذكور، بأنه اعتمد على واردات القمح الروسي إلى المغرب، التي ارتفعت قيمتها 3,4 أضعاف على أساس سنوي، حيث إن المصدرين الروس قاموا بشحن أكثر من مليون طن من القمح، إلى المغرب خلال السنة الماضية ، إذ أصبحت روسيا بفضل الأسعار الأكثر تنافسية والجودة العالية للقمح الروسي، المورد الرئيسي الأول للقمح إلى المغرب، متجاوزة بذلك فرنسا التي كانت لسنوات عديدة أكبر مورد لهذا البلد الشمال إفريقي.
وحسب المصدر ذاته، تقدر الصادرات الروسية من المنتجات الفلاحية إلى المغرب، بنحو 350 مليون دولار، والمنتجات الأساسية النامية تشمل الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات ثانوية من مستخرجات النشاء والشمندر السكري، والحلويات واللحوم الحمراء وغيرها من المنتجات الزراعية.
ونقل المركز عن إيغور بافينسكي، رئيس قسم تحليل الأسواق الزراعية في مؤسسة نقل المنتجات الزراعية الروسية “روس أغرو ترانس”، تأكيده أن “التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة، أدت إلى تفاقم حالات الجفاف في المغرب؛ مما تسبب في انخفاض حاد في المحاصيل وارتفاع في الواردات”، مشيرا إلى أنه “من المتوقع أن تصل واردات القمح في هذا الموسم، إلى مستوى قياسي يبلغ 7,5 ملايين طن، مقارنة بين 4 و6,4 ملايين طن في المواسم السابقة”.
ووفقا لمعطيات “أغرو تسينتر”، فإن صادرات روسيا إلى المغرب بلغت، خلال الفترة من يوليوز إلى يناير الثاني من الموسم الزراعي 2024/2025، مستوى قياسيا قدره 0.93 مليون طن؛ وهو ما يتجاوز حجم صادرات المواسم الكاملة السابقة .
كما أن صادرات روسيا إلى المغرب كانت في النصف الأول من الموسم الحالي أعلى بـ1,9 مرات من الموسم السابق بأكمله (0.49 مليون طن)، وأن الجزء الأكبر من الواردات يتكون من القمح اللين، الذي تدعمه الحكومة؛ فيما يشكل القمح الصلب ما بين 1 مليون طن و1,5 ملايين طن من إجمالي الواردات وبإمكان روسيا أيضا زيادة حجم هذه الصادرات، حيث توجد هناك إمكانيات لزيادة شحنات الشعير الروسي إلى السوق المغربية.
وترجع أسباب زيادة قيمة صادرات المنتجات الفلاحية الروسية إلى المغرب، إلى وجود منتجات روسية أخرى منها الزيوت، حيث دخلت المملكة المغربية قائمة أكبر 10 مستوردين لعلف عباد الشمس الروسي، كما احتلت المملكة المرتبة الخامسة في قائمة مستوردي علف “الكانولا” بما يشكل حوالي 60 في المائة من الكميات المستوردة، إضافة إلى استيراد الشمندر السكري الروسي والذرة والبقوليات والنخالة والمشروبات والعسل والحلويات وعدد من المنتجات الفلاحية الأخرى.
ونقل المركز ذاته عن ” ميخائيل مالتسيف”، المدير التنفيذي لاتحاد الزيوت والدهون في روسيا، قوله إن روسيا استأنفت بعد توقف طويل صادرات منتجات الزيوت والدهون المحلية إلى المغرب، إذا كانت صادرات زيت عباد الشمس لا تزال محدودة، فإن أعلاف “الكانولا” وعباد الشمس الروسي استحوذت على أكثر من 5 في المائة من إجمالي واردات العلف إلى المملكة.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن أسواق شمال إفريقيا، وخاصة المغرب، تتمتع بإمكانيات لزيادة صادرات منتجات الزيوت والدهون الروسية، حيث تعتمد هذه البلدان بشكل كبير، على واردات الزيوت النباتية والكسب “المواد العلفية”، مؤكدا أنه بإمكان روسيا تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار تنافسية.
يذكر أن المغرب اتجه في الآونة الأخيرة إلى السوق الروسية للتزود بالقمح، وهو ما أكده سفير روسيا بالرباط ، فلاديمير بايباكوف، الذي قال في تصريح سابق لوكالة الأنباء الروسية “تاس”، أن بلاده مستعدة لتصدير القمح إلى المملكة المغربية “بسعر معقول”، معتبرا أنه ” في ظل الظروف الجيو- سياسية الجديدة وتفاقم أزمتي الطاقة والغذاء، فإن الشراكة بين البلدين تحظى بأهمية خاصة”.
وأبرز الدبلوماسي الروسي، أن روسيا والمغرب يشتريان السلع الأكثر طلبا في أسواقهما من بعضهما البعض، حيث يستحوذ الفحم والمنتجات النفطية على جزء كبير من الواردات المغربية، في حين تشتري روسيا الحمضيات والأسماك من المغرب، مشددا على أن روسيا مستعدة للاستمرار في تزويد السوق المغربي بحاجياته من القمح بسعر معقول.
كما اعتبر بايباكوف، حينها، أن المغرب “من بين الشركاء التجاريين والاقتصاديين الرائدين لروسيا في إفريقيا”، وأوضح أنه في سنة 2022، كانت المملكة “ثالث أكبر دولة من حيث الصادرات ورابع أكبر دولة من حيث الواردات، كما تجاوز حجم التجارة بين البلدين ملياري دولار مرة أخرى بعد جائحة (كورونا)، وهو مستمر في الارتفاع”.